
كتب: حسن الحيني
يحل اليوم ذكرى وفاة الفنان زكي رستم حيث اعتبره العديد من النقاد العالميين أحد أكثر الفنانين موهبة في الشرق والعالم، ولد في حي الحلمية بالقاهرة لعائلة أرستقراطية راقية وكان والده وجده من باشوات مصر.
وقد ولد في قصر كان يملكه جده اللواء محمود باشا رستم أحد رجال الجيش المصري البارزين، وكان والده محمود بك رستم من كبار ملاك الأراضي الزراعية ومن أعضاء الحزب الوطني وصديقًا شخصيًا لمصطفى كامل.
توفي والد زكي رستم وهو لا يزال صبيًا، وتكفل به صديق والده مصطفى بك نجيب – والد الفنان سليمان بك نجيب الذي ظل من أصدقاء زكي رستم القلائل طوال حياته، الأمر الذي أتاح له تكوين علاقات مع بعض فناني المسرح في ذلك الحين ومنهم الفنان عبد الوارث عسر.
ومارس الرياضة منذ صغره ومارس رياضة رفع الأثقال وحصل على بطولتها عام 1923 قبل شهادة البكالوريا، ثم بدأت هوايته في التمثيل وهو طالب في البكالوريا عام 1924 حين أعجب به جورج أبيض وضمه الى فرقته.
كان من المفترض أن يستكمل دراسته لكلية الحقوق طبقاً للتقليد السائد في العائلات الارستقراطية التي تلزم أبناءها باستكمال دراستهم الجامعية، ولكنه رفض دراسة الحقوق، وأخبر والدته برغبته في أن يكون ممثلاً، الأمر الذي رفضته بشدة وخيرته بين حياته كفنان وبين استكمال حياته معهم واختار الفن وانتقل إلى عمارة يعقوبيان بوسط القاهرة في منطقة وسط البلد حيث عاش لبقية حياته.
تسبب هذا في إصابة والدته بالشلل حزنًا على اختيار ابنها وهو الأمر الذي كان له أثر كبير عليه لبقية حياته، بعدها انتقل لفرقة رمسيس عام 1925 مع أحمد علام الذي أسند إليه أدواراً رئيسية ولفرق فاطمة رشدي وعزيز عيد المسرحية ثم أخيرًا للفرقة القومية عام 1935.
ميعاده مع السينما كان في بدايتها الأولى مع السينما الصامتة في فيلم زينب عام 1930، ثم شارك في أول فيلم مصري ناطق وهو الوردة البيضاء عام 1932، وتوالت أعماله السينمائية لثلاثين عامًا متتالية بلا توقف حتى بداية الستينيات.
في مشواره السينمائي عرف بتنوع أدواره من أدوار الباشا الأرستقراطي إلى الأب الحنون إلى المعلم في سوق الخضار إلى الفتى إلى الموظف إلى المحامي إلى الزوج القاسي، وكانت أدوار الشر المميزة هي بصمته وما عرف بأدائه بشكل بالغ التميز.
عرف زكي رستم بتقمص شخصياته تقمصًا كاملاً وتدقيقه في أدق تفاصيلها من الملبس حتى معايشة الجو أثناء التصوير بكل تفاصيله الأمر الذي بدأه مبكرًا جدًا منذ بدايته في فرقة (جورج أبيض).
ومن أدواره التي تركت بصمة واضحة في السينما المصرية داخل هذا الإطار أدواره في أفلام رصيف نمرة خمسة، الفتوة ونهر الحب موهبته التمثيلية اقترنت بها ميله إلى العزلة الشديدة وقلة أصدقائه فلم يكن له أصدقاء تقريبًا من الوسط الفني أو خارجه وكانت علاقته بزملائه تنتهي بانتهاء التصوير ولم يتزوج كذلك طوال حياته.
في أوائل الستينات بدأ سمعه يضعف شيئًا فشيئًا حتى فقد سمعه تمامًا الأمر الذي أجبره على ترك عمله ونشاطه الفني وعاش في شقته بوسط القاهرة مع كلبه وخادمه حتى نهاية حياته ثم توفي بأزمة قلبية عام 1972 عن عمر يناهز التاسعة والستين.